من
خصائص الاسلام
(1)
اسم الاسلام
الاسلام هو الاسم الجامع لمعنى الاستسلام لله سبحانه ، واخلاص العبودية له ، وهذا الاسم ( الاسلام ) يوحي بالسلام الذي هو مفتاح العلاقة بين المسلم وغيره.
وتحية المسلم للآخر مهما كان هي ( السلام عليكم ) تنطلق صادقة من قلب خلقه الله وعاءا للحبّ والسلام.
ولقد جاءت الآية الكريمة ( انّ الدين عند الله الاسلام )(1) لتؤكّد قيمة الخضوع لله دون سواه في اطار منهج الله الذي أنزله على رسله الكرام عليهم السلام والذي يعتبر الاسلام آخر وجوه هذا المنهج.
ومن هنا وقف الاسلام بوجه الذين شوشوا الاعتقاد الخالص الذي عليه أنبياء الله سبحانه من أصحاب الديانات التي سبقت الاسلام ( وقل للذين أوتوا الكتاب والاميين أأسلمتم؟ فاءن أسلموا فقد اهتدوا )(2) .
فالاسلام يرفض أن تشوّش العقيدة ولا يهمه بعدئذ اختيار الفرد لأي دين شاء.
فاءنّ من يتبنى دينا سماويا فهو مسلم بالمعنى العام للأسلام ( ما كان ابراهيم يهوديا ولا نصرانيا ولكن كان حنيفا مسلما )(3).
(2)
عالمية الاسلام
لم يكن الاسلام دينا لجماعة بعينها ، أو امّة بعينها ، بل هو للناس كافّة ( وما أرسلناك الاّ كافّة للناس بشيرا ونذيرا )(4).
نعم كانت انطلاقة الاسلام الاولى في الجزيرة العربية ، وقام بتنظيم الحياة فيها ، وجعل من أهلها امّة قائمة ذات حضارة ، وبه أصبحت خير امّة اخرجت للناس ، بيد أنّ مبادئه عالمية لا تقف عند قوم ، ولا عند جيل، أو في حدود مرحلة زمنية معينة.
جاء الاسلام بصيحة خلاص منظّمة تجاوز فيها القوميات والجنسيات والألوان واللغات ، واخذ الانسان موضوعا له لينتشله من غياهب الجهل ، ويفكّ أسره ، وينهي استعباده ، ويربطه بربّه ، ما أمكنه الى ذلك من خلال نظامه السياسي أم طرحه الفكري والثقافي والعبادي.
(3)
شمولية الاسلام
يغطي الاسلام ما يحتاجه الناس في حركة حياتهم ، في حاضرهم ومستقبلهم ، فلم يكن ليتحدّث عن قضية واقعة الاّ وقفزت معان كلية تعالج قضايا في المستقبل.
وهذه المعاني الكلية تصلح لحلّ المشكل لابن البادية كما تصلح لابن الحاضرة في حلّ مشكلاته سواء بسواء.
فالعبادات في الاسلام لا تخضع لتغيّر الأحوال فهي توقيفية، وفيما عداها فيمكن التعامل مع القواعد العامة في الاسلام لاعطاء الموقف الذي يتناسب وطبيعة الحالة التي يعيشها الناس.
(4)
خلود الاسلام
تميّز الاسلام عن غيره من الديانات السماوية أنّ يد التحريف لم تمتدّ اليه ، فقد تكفّل الله حفظه فقال
انّا أزلنا الذكر وانّا له لحافظون)(5).
وكانت وراءه امّة حفظته في صدورها ، وتعايشت معه في ضمائرها وعقولها ، وتعاملت به في حياتها ، وحكّمته في كلّ قضاياها .
فلقد أذهل النصّ القرآنيّ امّة اللغة العربية فقامت معه غذاءا لها ، فهوالينبوع الذي تنهل منه الحكم ، والنهرالذي تغرف منه الأحكام .
وها قد مرّ على عمر هذا النصّ قرابة خمسة عشر قرنا من الزمن وهو حيّ ينبض بالحياة ، ونور يمشي به الناس في حالك الظلام.
(5)
خاتمية الاسلام
فالاسلام هو خاتم الرسالات السماوية ، وقد تضمّن العقيدة الخالصة التي عليها هذه الرسالات ، وبعضا من أحكامها ، وأنّ التدرّج التشريعي فيما يخصّ الأحكام المتعلقة بأفعال المكلّفين انّما روعي فيه محدودية تلك الرسالة على امّة دون غيرها.
فجاءت الأحكام الاسلامية أكثر مرانا وسعة وأقدر على العبور الى المستقبل بما تملك من قواعد عامّة قابلة للحياة ومستجيبة لما يريده المكلّفون ، وهذا مالا تجده في غير الاسلام.
ومن هنا جاء قوله تعالى( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا)(6).
(6)
انسجام الفطرة الانسانية مع الاسلام
شاء الله سبحانه أن تبدأ الخليقة بريئة تقودها الفطرة السليمة التي فطر الله الناس عليها لا تبديل لخلق الله.
وبمصاف ما أودع الله في الانسان من فطر تقوده الى الخير فقد خلق معها المنهج وبعث النبيّين يوجهون هذه الفطر من أن لا تحيد عن مناهجه سبحانه.
فالمنهج الديني السماوي والفطرة السليمة ذواتا طبيعة واحدة ، فاءذا استعمل المنهج استعمالا سيئا تنكّرت له الفطرة ، واذا تلوثت الفطرة بملوثات الجاهلية تنكّر لها المنهج.
(7)
وقوف الاسلام مع العلم
فالشعار الاسلامي المرفوع دوما ( وقل ربّي زدني علما )(7) هو الوجه الحقيقي للمسلم ، وهو دعاء المسلم المتواصل الى ربّه ليزيده علما بالدين وبطرائق الدعوة اليه ، فلا تقوم الدعوة الاّ بعلم ، ولا يتمكن المسلم أن يحقّق نجاحا على كلّ صعيد الاّ اذا كان عالما بحقائق الامور.
فقد أطلق الاسلام العقل ، وفتح له آفاقا واسعة ، ولم يضيق عليه بفكرة ، أو يحبسه في دائرة معلومات ضيقة ، بل أمر الناس بالتأمل والتفكّر والتعقّل ، فلا يعتزّ بالمنتمين اليه وهم عميان لا يفقهون شيئا ( قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون )(8) وهذه خاصّة فريدة لهذا الدين.
الهوامش
1- سورة آل عمران: 19
2- نفسها: 20
3- نفسها: 67
4- سورة سبأ: 28
5- سورة الحجر: 9
6- سورة المائدة: 3
7- سورةطه:114
8- سورة الزمر: 9
irshadonline.org